ألقى النّبيُّ عصاهُ في أرضِ الشّآمْ
|
وأقامَ بينَ ربوعِها يَهْدي
الأنامْ
|
وَلَقَدْ دَعاهمْ للصِّراطِ وَنَهْجِهِ
|
نَشَرَ الهدى في أرضِهِمْ، زَرَعَ
الوئامْ
|
قال:"اعبدوا الرَّحْمنَ خلاّقَ النّوى
|
فهو الإلهُ..وغيرُهُ عَبْدُ اللِّئامْ"
|
"إنْ
تعبدوا الأصْنامَ فَهْيَ حجارةٌ
|
عَمْياءُ بَلْ صَمّاءُ لا تدري
الكلامْ"
|
"هيَ
لَمْ تَقُلْ إنّي خَلَقْتُ لِتَجْعلوا
|
منها إلهًا مُبْدعًا..يُحيي
العظامْ"
|
"قوموا
احرِقوها، هَشِّموها..واجْعَلوا
|
منها ترابًا أو رغامًا أو
حُطامْ"
|
"أو
فانْهَشوها آكلينَ تمورَها
|
فإلهُكُمْ تَمْرٌ..فما أشهى
الطّعامْ!"
|
وعَصاهُ جُهّالُ الشّآمِ وأعرضوا
|
إلا قليلاً مِنْهمُ اتّبَعوا
السّلامْ
|
وأتى النّبيُّ إلى الكنانةِ داعيًا
|
صَحِبَتْهُ "سارةُ"
زوجُهُ بينَ الزِّحامْ
|
كانَ الجمالُ يلفُّها بإزارِهِ
|
والسِّحْرُ يُعْطي وَجْهَها أعلَى
وِسامْ
|
والدّينُ يملأ قَلْبَها..يَطْفو بِهِ
|
والنّورُ يَفْرشُ دَرْبَها وبِهِ
هُيامْ
|
لكنَّ عُقْمَ النَّسْلِ أثْقَلَ هَمَّها
|
والشّوقُ يملأها بأنْ تؤْتَى غُلامْ
|
قَدْ كانَ سِحْرُ جمالِها وبهائِها
|
يُغْوي الملوكَ..يُصيبُهمْ منها
سِهامْ
|
ولقدْ دَرَى مَلِكُ الكنانةِ أنّهُ
|
جاءَتْ إليهِ مليكةٌ معها إمامْ
|
وبأنّها تُرْدي القلوبَ بِحُسْنِها
|
ولها بأفئدةِ الوَرى أعلى
المَقامْ
|
هَمَّ المليكُ بِلَمْسِها فَتَخَشَّبَتْ
|
وَتَجَمَّدَتْ كفّاهُ..شَدَّهُما
لِجامْ
|
يَبِسَتْ أناملُهُ وَأَضْحَتْ طِيْنَةً
|
وَكأنّها تَأْبَى بأنْ تَبْغي
الحَرامْ
|
وأصابَهُ رُعْبُ الذّهولِ..وَرَهْبَةٌ
|
وكأنّما يُمْناهُ حلَّ بها سقامْ
|
وَجثا أمامَ الطُّهْرِ قال: "تَأسُّفًا
|
مِمّا جَرَى، والصَّفْحُ مِنْ
شِيَمِ الكِرامْ"
|
فَتَحَرَّكَتْ كفّاهُ لكنْ نَحْوَها
|
والشّوقُ يُسْكِرُ عَقْلَهُ مثلَ
المدامْ
|
شُلَّتْ يداهُ، فَلَمْ يُدَنِّسْ طُهْرَها
|
فالطُّهْرُ يسدلُ حولَها أبهى
حِزامْ
|
وَتَهَيَّبَ المَلِكُ الجبانُ وَقَدْ بَكى
|
يرجو الإلهَ بأنْ يقيهِ فلا
يُضامْ
|
قَدْ تابَ توبةَ نادمٍ مُسْتَغْفِرٍ
|
حتّى تَحَرَّكَ ساعِداهُ على
الدّوامْ
|
وَمَضَى يُحَدِّقُ فيهما في غِبْطةٍ
|
والبِشْرُ أسْدَلَ
سِتْرَهُ..نَزَعَ اللِّثامْ
|
أَهْدَى المليكُ أَعَزَّ جاريةٍ له
|
هِبَةً لـ"سارَةَ" كيْ
تكونَ لها دِعامْ
|
هيَ "هاجَرٌ" هَجَرَتْ بلاطَ مليكِها
|
سَكَنَتْ غبارَ مهامِهٍ بينَ
القَتامْ
|
وَتَزَوَّجَتْ مِنْ خلِّ خلاّقِ الوَرَى
|
وَهي الفضيلةُ إنْ
تَجَلَّتْ..والسّلامْ
|
وَتَمَخَّضَ الطِّفْلُ النّبيُّ بِرَحْمِها
|
وَأطلَّ "إسماعيلُ"،
واحترقَ الظّلامْ!
شعر: ماهر برهومي
|
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق