الاثنين، 30 يوليو 2012

شُلَّتْ يداه!



ألقى النّبيُّ عصاهُ في أرضِ الشّآمْ

        وأقامَ بينَ ربوعِها يَهْدي الأنامْ


وَلَقَدْ دَعاهمْ للصِّراطِ وَنَهْجِهِ

  نَشَرَ الهدى في أرضِهِمْ، زَرَعَ الوئامْ

قال:"اعبدوا الرَّحْمنَ خلاّقَ النّوى

          فهو الإلهُ..وغيرُهُ عَبْدُ اللِّئامْ"


"إنْ تعبدوا الأصْنامَ فَهْيَ حجارةٌ

     عَمْياءُ بَلْ صَمّاءُ لا تدري الكلامْ"


"هيَ لَمْ تَقُلْ إنّي خَلَقْتُ لِتَجْعلوا

       منها إلهًا مُبْدعًا..يُحيي العظامْ"


"قوموا احرِقوها، هَشِّموها..واجْعَلوا

       منها ترابًا أو رغامًا أو حُطامْ"

"أو فانْهَشوها آكلينَ تمورَها

      فإلهُكُمْ تَمْرٌ..فما أشهى الطّعامْ!"


وعَصاهُ جُهّالُ الشّآمِ وأعرضوا

         إلا قليلاً مِنْهمُ اتّبَعوا السّلامْ


وأتى النّبيُّ إلى الكنانةِ داعيًا

   صَحِبَتْهُ "سارةُ" زوجُهُ بينَ الزِّحامْ


كانَ الجمالُ يلفُّها بإزارِهِ

  والسِّحْرُ يُعْطي وَجْهَها أعلَى وِسامْ


والدّينُ يملأ قَلْبَها..يَطْفو بِهِ

     والنّورُ يَفْرشُ دَرْبَها وبِهِ هُيامْ


لكنَّ عُقْمَ النَّسْلِ أثْقَلَ هَمَّها

   والشّوقُ يملأها بأنْ تؤْتَى غُلامْ


قَدْ كانَ سِحْرُ جمالِها وبهائِها

يُغْوي الملوكَ..يُصيبُهمْ منها سِهامْ


ولقدْ دَرَى مَلِكُ الكنانةِ أنّهُ

     جاءَتْ إليهِ مليكةٌ معها إمامْ


وبأنّها تُرْدي القلوبَ بِحُسْنِها

  ولها بأفئدةِ الوَرى أعلى المَقامْ


هَمَّ المليكُ بِلَمْسِها فَتَخَشَّبَتْ

    وَتَجَمَّدَتْ كفّاهُ..شَدَّهُما لِجامْ


يَبِسَتْ أناملُهُ وَأَضْحَتْ طِيْنَةً

  وَكأنّها تَأْبَى بأنْ تَبْغي الحَرامْ


وأصابَهُ رُعْبُ الذّهولِ..وَرَهْبَةٌ

     وكأنّما يُمْناهُ حلَّ بها سقامْ


وَجثا أمامَ الطُّهْرِ قال: "تَأسُّفًا

مِمّا جَرَى، والصَّفْحُ مِنْ شِيَمِ الكِرامْ"


فَتَحَرَّكَتْ كفّاهُ لكنْ نَحْوَها

    والشّوقُ يُسْكِرُ عَقْلَهُ مثلَ المدامْ


شُلَّتْ يداهُ، فَلَمْ يُدَنِّسْ طُهْرَها

  فالطُّهْرُ يسدلُ حولَها أبهى حِزامْ




وَتَهَيَّبَ المَلِكُ الجبانُ وَقَدْ بَكى

يرجو الإلهَ بأنْ يقيهِ فلا يُضامْ


قَدْ تابَ توبةَ نادمٍ مُسْتَغْفِرٍ

حتّى تَحَرَّكَ ساعِداهُ على الدّوامْ


وَمَضَى يُحَدِّقُ فيهما في غِبْطةٍ

  والبِشْرُ أسْدَلَ سِتْرَهُ..نَزَعَ اللِّثامْ

أَهْدَى المليكُ أَعَزَّ جاريةٍ له

هِبَةً لـ"سارَةَ" كيْ تكونَ لها دِعامْ


هيَ "هاجَرٌ" هَجَرَتْ بلاطَ مليكِها

     سَكَنَتْ غبارَ مهامِهٍ بينَ القَتامْ


وَتَزَوَّجَتْ مِنْ خلِّ خلاّقِ الوَرَى

 وَهي الفضيلةُ إنْ تَجَلَّتْ..والسّلامْ


وَتَمَخَّضَ الطِّفْلُ النّبيُّ بِرَحْمِها

وَأطلَّ "إسماعيلُ"، واحترقَ الظّلامْ!

شعر: ماهر برهومي

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق