شَبَّ الرّضيعُ، وَشَعْشَعَ الأنوارا
|
فتراهُ في إيمانِهِ إعصارا
|
عَقْلٌ رَزينٌ..هِمَّةٌ لا تنثَني
|
والقَلْبُ يَطْفَحُ عِزَّةً
ووقارا
|
يَأتيهِ والِدُهُ يقولُ برأفَةٍ:
|
-"أَبُنَيَّ جِئْتُكَ
تائِهًا مُحْتارا"
|
"خَطْبٌ
إذا لَمَسَ الجبالَ أزالَها
|
جَلَّ المُصابُ وَلَمْ يَزَلْ
مَوّارا!"
|
-"أبتاهُ،
قُلْ لي ما الرَّزيَّةُ؟ عَلَّني
|
أشفي الغليلَ، وأرتقُ
الأوتارا"
|
"عَلِّي
أُخَفِّفُ بَعْضَ هَمِّكَ يا أبي
|
وَعَسَى أُنَفِّسُ كَرْبَكَ
الزّوّارا"
|
"أبتاه،
قُلْ لي: ما دهاكَ؟ وما الذي
|
تُخْفيهِ عنّي؟..وافْضَحِ
الأسرارا"
|
قال النّبيُّ:-"أيا بُنَيَّ أنا الذي
|
جَعَلَ الحياةَ مَحَطَّةً
ومَزارا"
|
"أنا
لَسْتُ أَنْبو حينَ يَشْتَدُّ البَلا
|
ويزيدُني عِبءُ القضا
إصرارا"
|
"وأواجِهُ
الأرزاءَ بالتّقوى ولا
|
أَتَهَيَّبُ الأشواكَ
والأخْطارا"
|
"إنَّ
الذي أخشاهُ يا بَدْرَ الدُّجَى
|
ألاّ تُطَبِّقَ ما العظيمُ
أشارا"
|
|
|
-"أَعَهِدْتَني أبتاهُ يومًا عاصيًا
|
وأنا الذي أَتَهَيَّبُ
الجبّارا؟!"
|
"إنّي
أُسارِعُ ما اسْتَطَعْتُ إلى الهُدَى
|
لا تَجْعَلَنِّي لِلْعُصاةِ
شِعارا"
|
-"لا
يا بُنَيَّ، فأنتَ تَجْهَلُ مَقْصَدي
|
مازِلْتَ فينا قدوةً
وَمنارا"
|
"اللهُ
يَأْمُرُني بِذَبْحِكَ يا حَبِيـْ
|
ـبُ، وَلَسْتُ أعصي الواحدَ
القَهّارا"
|
هيَ فِتْنَةٌ يبدو بها صِدْقُ التُّقى
|
وَتُغَرْبِلُ الصُّلاّحَ
والكفّارا
|
والزَّيْفُ يَفْضَحُهُ البلاءُ وَكَمْ نَرَى
|
النّيرانَ تَفْضَحُ عَسْجَدًا
وَنُضارا
|
-"أبتاهُ،
خُذْ رَأْسي ولا تَبْخَلْ بِهِ
|
واحْصدْهُ إنّي لَنْ أَفرَّ
فرارا!"
|
"أَأَفرُّ
مِنْ ربّي إلى ربّي الذي
|
أشْتاقُ يُلْغي بيننا
الأستارا؟!"
|
"أَبَتاه،
وَاجْعَلْ حَدَّ سَيْفِكَ قاطِعًا
|
فأموتَ واحدةً، وليسَ مرارا"
|
"أَبَتاهُ،
لا تَنْظُرْ إليَّ تَأسُّفًا
|
أَغْمِضْ جفونَكَ، وَاتَّقِ
الإبْصارا"
|
"حاذِرْ
قَميصَكَ أنْ يُلَطَّخَ بالدِّما
|
ويكونَ نَزْفي مائرًا فوّارا"
|
"وَتَراهُ
أمّي، ثمَّ يَحزن قَلْبُها
|
أَخْشَى عليها اليومَ أنْ
تَنْهارا"
|
لكنَّ "إبراهيمَ" جَدَّدَ عَزْمَهُ
|
حَسَمَ التَّرَدُّدَ، فاسْتَحالَ
قرارا
|
وَهَوَى ذبابُ السَّيْفِ في نَحْرِ الذي
|
جَعَلَ المَنيَّةَ مَسْرَحًا
وَمزارا
|
وَنبا الحسامُ، وَلَمْ يُحَقِّقْ ما ابْتَغَى
|
وَالرّأسُ رَدَّ الصّارِمَ
البَتّارا
|
وفَداهُ رَبُّ العالَمينَ بِكِبْشِهِ
|
وَنَجا الوليدُ لِحِكْمَةٍ
تتوارى!
شعر: ماهر برهومي
|
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق