الاثنين، 30 يوليو 2012

وكان الكون!




عُدْ يا زمانُ إلى الوراءِ القَهْقَرَى

        وَكفاكَ تَمْشي للأمامِ تَبَخْتُرا

عُدْ يا زمانُ إلى زمانٍ لمْ يكنْ

   وُجِدَ الزّمانُ، ولمْ يكنْ قَدْ أبْصَرا

والكونُ مَيْتٌ لَمْ يكنْ مُتَكَوِّنًا

    بَلْ كانَ خَلْقًا ما تَخَلَّقَ أو جَرَى

حيثُ الوجودُ بلا وجودٍ قَدْ بدا

        فيهِ الفراغُ مُفَرَّغٌ ما أُظْهِرا

والصَّمْتُ يَعْزِفُ لَحْنَهُ وَنشيدَهُ

     بَلْ لَمْ يكنْ وُجِدَ السّكونُ وَقُدِّرا


ما كانَ حَيٌّ في الحياةِ سوى الذي

  خَلَقَ الحياةَ..وكلَّ شيءٍ قَدْ برا

ما كانَ إلا اللهُ موجودًا وَلَمْ

     يَكُ قبلَهُ أَحدٌ تَخَلَّقَ أو سَرَى

رَبٌّ عزيزٌ بارئٌ ومُصَوِّرٌ

 مِنْ قَوْلِ "كُنْ" صارَ الوجودُ مُصَوَّرا

مَلِكٌ سلامٌ مؤمنٌ ومهَيْمِنٌ

       والعَقْلُ حارَ بكنْهِهِ وَتَعَثَّرا

فاللهُ ليسَ كمثْلِهِ شَيْءٌ وَقَدْ

    عجزَ اللّبابُ بِفَهْمِهِ.. فَتَفكَّرا




ووجودُهُ حقٌّ بألفِ قرينةٍ

     فالكونُ يَشْهدُ أنّهُ ربُّ الورى

وتكادُ تَلْمحُ وَجْهَهُ في كونِهِ

       ويكادُ مِنْ إخفائِهِ أنْ يَظْهَرا

فاللهُ مِنْ فَرْطِ الظّهورِ لَباطِنٌ

   وَكذا الشّعاعُ إذا تَفَجَّرَ لا يُرَى

إنَّ الجبالَ إذا تَجلّى ربُّها

       تَنْدَكُّ حتّى تَسْتَحيلَ إلى ثَرَى

بَلْ كيفَ تَطْمعُ أَعْينٌ في أنْ تَرَى

   ربَّ الوجودِ؟!..فذاكَ أمرٌ مُفْتَرَى

وَهوَ الغَنيُّ عَنِ العبادِ جميعِهِم

     عَنْ كلِّ أمْرٍ في الوجودِ تَجَبَّرا



لكنَّ حِكْمَتَهُ العظيمةَ قَدْ قَضَتْ

  أنْ يَخْلُقَ الكونَ الفسيحَ فَذا جَرى

بدأ العظيمُ بِخَلْقِهِ العَرْشَ الذي

    شَرُفَ الوجودُ به وعزَّ ونوَّرا

والعَرْشُ يَطْفو فوق ماءٍ عائمٍ

       سبحانهُ رَحِمَ العبادَ فأَخْبَرا

خَلَقَ السّماءَ منَ الدُّخانِ بقوّةٍ

  وبِلا عِمادٍ قَدْ عَلَتْ فوقَ الذُّرى

فَتَقَ السّماءَ مِنَ الأراضي بعدما

   رُتِقَتْ..فَكلٌّ قَدْ جَرَى وتحرَّرا

والأرضُ قَدْ خُلِقَتْ طباقًا سبعةً
   بُسِطَتْ مِهادًا أو قرارًا للورى


 لكنّها اضْطَرَبَتْ ومادَتْ وانثَنَتْ

   وَتَرَنَّحَتْ.. بَلْ أوشَكَتْ أنْ تُدْبِرا

ألقى العظيمُ جبالَهُ وحبالَهُ

     حتّى استَقَرَّتْ بالجبالِ تَجَذُّرا

خَلَقَ الكواكبَ والنّجومَ كما الفضا

      ذَرَأَ البهائمَ والنّباتَ وأَبْحُرا

بَرَأَ الوجودَ جميعَهُ منْ ذرّةٍ

    لِمَجرَّةٍ..بلْ فوقَ ذاكَ وأكْبَرا

فالكونُ مِلْكٌ للإلهِ فلا يُرَى

       شيءٌ بآلاءِ العظيمِ تَنَكَّرا

فالكلُّ يحمدُ ربَّهُ مُتَبَتِّلاً

       والكلُّ يَسْجدُ للإلهِ مُكَبِّرا

ثمَّ استوى الرّحمنُ جلَّ جلالُهُ

والعرشُ يَرْجفُ رَهْبةً ممّا يَرَى

           شعر: ماهر برهومي






ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق