الشَّمْسُ مِنْ غَلَيانِها تَتَصَدَّعُ
|
وسعيرُها فوقَ الحِجازِ يُشَيَّعُ
|
وتكادُ تَلْفِظُ روحَها في مكّةٍ
|
وكأنّها في غَيْرِها لا تَسْطَعُ
|
وَبَكَتْ مهامِهُ بَكَّةٍ مِنْ حَرِّها
|
فالمَوْتُ تحتَ ترابِها
يَتَلَوَّعُ
|
وادٍ خلا مِنْ زَرْعِهِ ونباتِهِ
|
مِنْ كلِّ طَيْرٍ أو بهائمَ
تَرْتعُ
|
بل كيفَ يَحْيا كائنٌ بمفازةٍ
|
والماءُ فوقَ ظهورِها لا
يَنْبَعُ؟!
|
والغَيْثُ يَجْهلُ دَرْبَها وسبيلَها
|
والشّمْسُ تُمْطِرُها ولا
تتقنَّعُ
|
والموتُ يَفْرشُ جندَهُ في أرْضِها
|
والحَرُّ مِنْ أبوابِها يتوزَّعُ
|
قَطَعَ السّكونَ بكاءُ طفلٍ مُدْنَفٍ
|
والصّوتُ يَضْربُ في الفراغِ
ويرْجعُ
|
والأمُّ تَحْمِلُ طِفْلَها..تَمْشي بِهِ
|
بينَ المهالِكِ..والمنايا
تَصْفَعُ
|
وأبوهُ "إبراهيمُ" فرقدُ فَدْفَدٍ
|
عرفَتْ شمائلَهُ الجهاتُ الأربَعُ
|
تَرَكَ النّبيُّ حَشاهُ في وادي التّوى
|
عَزَمَ الرّحيلَ وَقَلْبُهُ
يَتَفَجَّعُ
|
تَرَكَ الرّضيعَ و"هاجرًا" وكأنّه
|
تَرَكَ الفؤادَ ونفسُهُ تتمنَّعُ
|
قالَتْ لهُ زوجُ الفضيلَةِ والتّقى:
|
"اللهُ أرْحمُ بالعبادِ
وأنفعُ"
|
"إنْ
كنتَ تَفْعلُ ما الإلهُ يريدُهُ
|
فاللهُ مَرْجِعُنا..وَنِعْمَ
المَرْجِعُ"
|
ودَعا النّبيُّ وقالَ: "ربّي إنّهُ
|
مَنْ يُحْيِ أمْرَكَ لا مناصَ
مُشَفَّعُ"
|
"ربّاهُ،
إنَّ الأرضَ تشكو جوعَها
|
فامْلأْ جوانبَها ثمارًا
تطلعُ"
|
"ربّاهُ،
فارْزُقْ أَهْلَها مِنْ أَنْعُمٍ
|
أنتَ الكريمُ..وَقَدْرُ عِلْمِكَ
أَوْسَعُ
|
عادَ النّبيُّ إلى "فلسطينٍ" وَقَدْ
|
أبقى حشاهُ
بـِ"مَكَّةٍ" يتوَجَّعُ
|
وَعلا نَحيبُ الطِّفْلِ يَقْتُلُهُ الظّما
|
والزّادُ أَفْلَسَ، والنّوائبُ
تَلْمَعُ
|
فاضَ الحنانُ بِقَلْبِ "هاجَرَ" والتّقى
|
والخوفُ يَسْكُنُ
قَلْبَها..يَتَوَسَّعُ
|
وتكادُ تَعْصِرُ جَوْفَها في جَوْفِهِ
|
لكنَّ جوفَ كلَيْهِما يَتَقَطَّعُ
|
ذَهَبَتْ تُفَتِّشُ لابْنِها عَنْ مَنْبَعٍ
|
عَلَّ الفَلاةَ بِبَطْنِ
"مكّةَ" تَدْمَعُ
|
صَعَدَتْ إلى جَبَلِ "الصّفا" فإذا بِهِ
|
ظَمْآنُ للماءِ
القُراحِ..وَبَلْقَعُ
|
وَهُناكَ قَدْ شَعَرَتْ بأنَّ رضيعَها
|
قَذَفَ الحياةَ..وأمَّهُ
سَيُوَدِّعُ
|
صارَتْ تُهَرْوِلُ بينَ "مَرْوَةَ" و"الصّفا"
|
سَبْعًا..وكلَّ مسالِكٍ
تَتَتَبَّعُ
|
عَبثًا تُحاولُ أنْ تُقاوِمَ خَوْفَها
|
تُرْدي المَنيَّةَ..والمنيَّةُ
أسْرَعُ
|
نَزَلَ "الأمينُ" مِنَ
السّماءِ مُفَجِّرًا
|
ماءً قُراحًا..زمزَمًا
يَتَضَوَّعُ
|
ماءً أعادَ الرّوحَ قبلَ رواحِها
|
والصَّبْرُ يُثْمِرُ،
والتَّجَمُّلُ يَرْدَعُ
|
سَكَنَتْ قبيلَةُ جُرْهُمٍ في أرْضِها
|
مِنْ ضِرْعِها تأتي الطّيورُ
وَترجعُ
شعر: ماهر برهومي
|
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق