الاثنين، 30 يوليو 2012

الجريمة





وَمَضى الزّمانُ وَمَرَّتِ الأعْوامُ

      حتّى اسْتَفاقَ الكونُ وَهْوَ ظَلامُ


والظُّلْمُ يُشْهِرُ سَيْفهُ مُتغَطْرِسًا

       والشّمْسُ تُطْبِقُ جَفْنَها..وتنامُ


والأرضُ كادتْ أنْ تميدَ بأهلِها

        والحزنُ تَعْزِفُ لَحْنَهُ الآلامُ


وكذا السّماءُ كئيبةٌ وكأنّها

  طُعِنَتْ وَمَزَّقَ وَجْهَها الصَّمْصامُ


وإذا الطّبيعةُ أَجْهَضَتْ أفراحَها

        وَتَوَشَّحَتْ بالليلِ..وهْوَ حِمامُ


وإذا النّجيعُ يسيلُ نَهْرًا قانيًا

   والأرضُ تَسْكَرُ منهُ، فَهْوَ مُدامُ


"هابيلُ" تَقْذفُهُ المنونُ بِلُجِّها

    ويكادُ يَنْهَشُ عَظْمَهُ الضِّرْغامُ


ودماؤُهُ صُبَّتْ وأَضْحَتْ بِرْكةً

        وهو الغريقُ بِلُجِّها..نَوّامُ


والدّودُ يغزو جِسْمَهُ كَكتيبةٍ

    معها قنًا..وصوارِمٌ، وَسِهامُ


والرّوحُ قَدْ صَعَدَتْ ولاقَتْ ربَّها

  والجِسْمُ يَمْلأهُ حصًى..ورغامُ


وَبَدا أخوهُ وَقَدْ عَلَتْ صَيْحاتُهُ

      ودموعُهُ تَنْهلُّ فَهْيَ غَمامُ


يبكي أخاهُ تَحسُّرًا وندامةً

      فَعَلى يديهِ تَجَسَّدَ الإجرامُ


فهوَ الذي شَجَّ الشقيقَ بِصَخْرَةٍ

  والرّزءُ مُرٌّ..والخطوبُ جِسامُ


نَحَرَ الشّقيقُ شقيقَهُ في غِلْظَةٍ

 وأراهُ كأسَ الموتِ..وَهْوَ زؤامُ


أَرْداهُ..حتّى لا يُزَوَّجَ أختُهُ

      وجمالُها كمْ يُبْتَغى ويُرامُ!


والحقُّ أنَّ كليهِما كَلِفا بها

    فَتَقَطَّعَتْ منْ أجلِها الأرحامُ


ولعلَّ قابيلاً تَحرَّقَ غَيْرَةً

  وتأجَّجَتْ في صَدْرِهِ الأسقامُ


فاللهُ لَمْ يَقْبَلْ جَنى قربانِهِ

 بَلْ كيفَ يُقْبَلُ فاسِقٌ ظلاّمُ؟!


وَلَقَدْ تُقُبِّلَ منْ أخيهِ صلاحُهُ

   وهو المُحِبُّ لِرَبِّهِ..وهُمامُ


والبُغْضُ يَنْهَشُ في القلوبِ كَضَيْغَمٍ

      تَنْدَكُّ مِنْ تَزآرِهِ الآكامُ


وأصابَ "قابيلاً" سهامُ نَدامةٍ

      وَتَثاقَلَتْ في صَدْرِهِ الآثامُ


ورأى غرابًا مَيِّتًا فأثارهُ

     وأخوهُ يَدْفنُهُ وليسَ يُضامُ


ذاكَ الغرابُ هوَ المُعَلِّمُ للورى

      أسفاهُ كيفَ تُبَدَّلُ الأحكامُ!


دُفِنَ القتيلُ مُضَرَّجًا بدمائِهِ

فبكى الحَصى، وتَصَحَّرَ القَمْقامُ


وبكى النّبيُّ على ابْنِهِ مُتَحَسِّرًا

    والصَّبْرُ أمْنٌ مورِفٌ ووئامُ


وَمَضَتْ قرونٌ عَشْرةٌ كَسَحابةٍ

مَرَقَتْ مروقَ السَّهْمِ وَهْيَ سلامُ


الكلُّ يَنْعَمُ بالشّريعةِ والهُدَى

والأرضُ كانَ صراطَها الإسلامُ!


   شعر: ماهر برهومي

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق