الاثنين، 30 يوليو 2012

ريح صرصر عاتية




وَمَضى على عُمْرِ النّجومِ دهورُ

       والأرضُ عادَتْ بالضّلالِ تدورُ


وَأتى الفسادُ إلى البريَّةِ وامْتَطَى

            فَرَسًا يكادُ مِنَ القَتامِ يغورُ


والنّاسُ تَتْبَعُ نَهْجَهُ وسبيلَهُ

        وتسيرُ حيثُ إلى القبورِ تَصيرُ


ساروا وراءَ ضلالِهِ وفسادِهِ

            كالكَلْبِ يَتْبَعُ عَظْمَةً ويسيرُ


وَلَقَدْ مَشَوا خَلْفَ الظّلامِ كأنّما

          فيهِ الضّياءُ مُشَعْشعًا والنّورُ


عبدوا الحجارَةَ..قَدَّسوا أَصْنامَهمْ

       والشِّرْكُ عادَ مُشَرَّعًا..والجُوْرُ


والكُفْرُ أَقْبَلَ..لَمْ يَغِبْ شيطانُهُ

          بَلْ لَمْ يُصِبْهُ تَخَوُّرٌ وفتورُ


ظَهَرَ الضّلالُ بِقَوْمِ عادٍ والخَنَى

        والفِسْقُ عَرْبَدَ فيهمُ وشرورُ


بَعَثَ الإلهُ إليهِمُ "هودًا" وقَدْ

     نَشَرَ الهدى، فاسْتَغْلَظَتْهُ صدورُ


أخذوا يُرَوُّونَ البذورَ بِعَلْقَمٍ

     وأصابَهُمْ جَهْلٌ..غبًا، وغرورُ


فأتاهُمُ الجبّارُ أَمْسَكَ عَنْهُمُ

       ماءَ السّحابِ..فقادِرٌ وقديرُ


فأصابَهمْ قَحْطُ الجفافِ ونِقْمةٌ

     عَطَشٌ وَمَسْغَبَةٌ..أذًى وسعيرُ


ورأَوا سحابًا أسودًا ظنّوا بِهِ

      غَيْثَ الحياةِ..فَكُلُّهُمْ مَسْرورُ


يتصارعونَ لكي يكونوا تَحْتَهُ

    كي يرتووا مِنْ مائِهِ ويثوروا


فأَتَتْهُمُ ريحٌ تهلُّ وَتَغْتَدي

      مثلَ الأسودِ تَهيجُهُنَّ نسورُ


تَذَرُ الرِّقابَ بِلا رؤوسٍ طَلْعُها

     هيَ مِنْجَلٌ في اليانِعاتِ تُغيرُ


هيَ كالسِّهامِ إذا غَلَتْ أشطانُها

    لَمْ تُبْقِ رأسًا قَدْ علاهُ غرورُ



يا وَيْلَهُمْ لمّا تعالى صَيْحُهُمْ

   أجسادُهُمْ فوقَ السّحابِ تَطيرُ!

         ***

وإلى "ثمودٍ" قَدْ أتاهمْ "صالِحٌ"

وهو الصّبورُ على الأذى وبصيرُ


قالَ "اتّقوا الجبّارَ واخْشَوا نارَهُ

      فالكلُّ تحتَ لوائِهِ مَحْشورُ"


لكنّهم رفضوا الصّلاحَ و"صالِحًا"

     والعَقْلُ تحتَ نِعالِهمْ مَسْتورُ


قالوا:"نُصَدِّقْ ما تقولُ وَتَدَّعي

     إنْ تأتِنا الآياتُ فَهْيَ بحورُ"




"إِبْعَثْ لنا مِنْ جَوْفِ صَخْرٍ ناقَةً

       معها وليدٌ راتِعٌ وصغيرُ"


فَأَتَتْهُمُ الآياتُ تَتْرى فَتْرةً

    والمعجزاتُ تواترٌ وحضورُ


وَتَمَخَّضَ الجلمودُ أَوْلَدَ ناقةً

   والكلُّ ممّا قَدْ جَرَى مَسْحورُ


واسْتَقْبَلوا نِعَمَ الإلهِ بِنَحْرِها

 وأصابَهُمْ جَهْلُ العَمَى وشرورُ


ولقَدْ أَتَتْهُمْ صَيْحةٌ مِنْ فَوْقِهِمْ

والأرضُ تَرْجِفُ تحتهم وتمورُ


رأَوُا المنيَّةَ في فحيحِ أوارِها

       في دَفَّتَيْها مُنْكَرٌ ونكيرُ


رَأَوُا المنيَّةَ أَنْشَبَتْ أَظْفارَها

     وَتَفَتَّحَتْ أشْداقُها وقبورُ


وَقَضَوا جميعًا في شَراكِ منيَّةٍ

  أنيابُها ريحُ الرَّحى ودبورُ

شعر: ماهر برهومي

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق