هَبَطَ الكَرَى فوقَ الأنامِ، فلا تَرَى
|
إلا عيونًا بالجفونِ تُغَلَّفُ
|
زَحَفَ النُّعاسُ فَلَمْ يَدَعْ إلا الذي
|
خَلَقَ النُّعاسَ، وَعَيْنُهُ لا
تَطْرُفُ
|
مَنْ كانَ يُبْصِرُ حينَها فَهو الذي
|
يَغْشاهُ حُلْمٌ أو منامٌ
يَعْصِفُ
|
والليلُ أَشْرَفَ أنْ يُغادِرَ قَصْرَهُ
|
والصُّبْحُ يَرْصدُهُ، ولا
يَتَخَوَّفُ
|
وَتَوَزَّعَتْ بينَ الوَرَى كلُّ الرُّؤى
|
ما أَغْرَبَ الأحلامَ كيفَ
تُصَرَّفُ!
|
مِنْ أينَ تأتي؟ كيفَ تُدْرِكُ دَرْبَها؟
|
بَلْ كيفَ تَدْخُلُ في العيونِ
وَتَنْزِفُ
|
دَخَلَتْ جفونًا مُطْبَقاتٍ في الدُّجَى
|
أجفانُ طِفْلٍ تَبْتَغي..هوَ
"يوسُفُ"
|
ذاكَ الذي مِنْ نورِهِ البَدْرُ اكْتَسَى
|
والشّمْسُ حينَ تراهُ دَوْمًا
تُكْسَفُ
|
وَتَزقُّ في عَيْنَيْهِ أحلامَ الكَرَى
|
فَيَرَى مشاهِدَ سِرُّها لا
يوصَفُ
|
الشّمْسُ تَسْجدُ والكواكِبُ تَنْحَني
|
وكذلكَ القَمَرُ المُشَعْشِعُ يَزْحَفُ
|
هيَ تَنْحَني لِجَمالِهِ وَبَهائِهِ
|
فَضِياؤُهُ مِنْ وَجْنَتَيْهِ
يُؤَلَّفُ
|
طَلَعَ الصّباحُ، وَهَبَّ يوسُفُ مُسْرِعًا
|
نادَى أباهُ، وقالَ: "إنَّكَ
مُسْعِفُ"
|
"إنّي
رَأَيْتُ مَنامَ صِدْقٍ يا أبي
|
فَعَسَى تُؤَوِّلُ ما رأَيْتُ،
وَتَعْرِفُ"
|
"فاللهُ
أَكْرَمَنا بِعِلْمِكَ يا أبي
|
مِنْ بَحْرِ عِلْمِكَ نَسْتَفيدُ
وَنَغْرِفُ"
|
ضَمَّ النّبيُّ إليهِ "يوسُفَ" إبْنَهُ
|
واللهُ أَرْحَمُ بالعبادِ
وَأرْأفُ
|
-"أَبْشِرْ،
فإنَّكَ عندَ رَبِّكَ مُصْطَفًى
|
واللهُ جَلَّ جلالُهُ هُوَ
مُنْصِفُ"
|
"إنّي
أراكَ لَفي مَقامٍ سامِقٍ
|
هَيْهاتَ يُبْلَغُ نحوهُ، أو
يُسْبَقُ"
|
"لكنْ
حَذارِ بأنْ تُخَبِّرَ إخْوَةً
|
لكَ ما رأَيْتَ..وَعَنْ منامِكَ
تَكْشِفُ"
|
فَلَعَلَّهُمْ لَوْ يَعْرِفونَ لأصْبَحوا
|
مِثْلَ الذِّئابِ، قلوبُها لا
تَرأفُ
|
الغيرَةُ العَمْياءُ توغِرُ صَدْرَهمْ
|
والحِقْدُ يَغْلي في القلوبِ
وَيَجْرِفُ!
شعر: ماهر برهومي
|
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق