الثلاثاء، 31 يوليو 2012

رؤيا



هَبَطَ الكَرَى فوقَ الأنامِ، فلا تَرَى

                إلا عيونًا بالجفونِ تُغَلَّفُ


زَحَفَ النُّعاسُ فَلَمْ يَدَعْ إلا الذي

          خَلَقَ النُّعاسَ، وَعَيْنُهُ لا تَطْرُفُ


مَنْ كانَ يُبْصِرُ حينَها فَهو الذي

             يَغْشاهُ حُلْمٌ أو منامٌ يَعْصِفُ


والليلُ أَشْرَفَ أنْ يُغادِرَ قَصْرَهُ

          والصُّبْحُ يَرْصدُهُ، ولا يَتَخَوَّفُ


وَتَوَزَّعَتْ بينَ الوَرَى كلُّ الرُّؤى

       ما أَغْرَبَ الأحلامَ كيفَ تُصَرَّفُ!

مِنْ أينَ تأتي؟ كيفَ تُدْرِكُ دَرْبَها؟

     بَلْ كيفَ تَدْخُلُ في العيونِ وَتَنْزِفُ


دَخَلَتْ جفونًا مُطْبَقاتٍ في الدُّجَى

      أجفانُ طِفْلٍ تَبْتَغي..هوَ "يوسُفُ"


ذاكَ الذي مِنْ نورِهِ البَدْرُ اكْتَسَى

      والشّمْسُ حينَ تراهُ دَوْمًا تُكْسَفُ


وَتَزقُّ في عَيْنَيْهِ أحلامَ الكَرَى

       فَيَرَى مشاهِدَ سِرُّها لا يوصَفُ


الشّمْسُ تَسْجدُ والكواكِبُ تَنْحَني

       وكذلكَ القَمَرُ المُشَعْشِعُ يَزْحَفُ


هيَ تَنْحَني لِجَمالِهِ وَبَهائِهِ

          فَضِياؤُهُ مِنْ وَجْنَتَيْهِ يُؤَلَّفُ


طَلَعَ الصّباحُ، وَهَبَّ يوسُفُ مُسْرِعًا

      نادَى أباهُ، وقالَ: "إنَّكَ مُسْعِفُ"


"إنّي رَأَيْتُ مَنامَ صِدْقٍ يا أبي

     فَعَسَى تُؤَوِّلُ ما رأَيْتُ، وَتَعْرِفُ"


"فاللهُ أَكْرَمَنا بِعِلْمِكَ يا أبي

      مِنْ بَحْرِ عِلْمِكَ نَسْتَفيدُ وَنَغْرِفُ"


ضَمَّ النّبيُّ إليهِ "يوسُفَ" إبْنَهُ

           واللهُ أَرْحَمُ بالعبادِ وَأرْأفُ


-"أَبْشِرْ، فإنَّكَ عندَ رَبِّكَ مُصْطَفًى

        واللهُ جَلَّ جلالُهُ هُوَ مُنْصِفُ"


"إنّي أراكَ لَفي مَقامٍ سامِقٍ

        هَيْهاتَ يُبْلَغُ نحوهُ، أو يُسْبَقُ"


"لكنْ حَذارِ بأنْ تُخَبِّرَ إخْوَةً

  لكَ ما رأَيْتَ..وَعَنْ منامِكَ تَكْشِفُ"


فَلَعَلَّهُمْ لَوْ يَعْرِفونَ لأصْبَحوا

       مِثْلَ الذِّئابِ، قلوبُها لا تَرأفُ


الغيرَةُ العَمْياءُ توغِرُ صَدْرَهمْ

   والحِقْدُ يَغْلي في القلوبِ وَيَجْرِفُ!

شعر: ماهر برهومي

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق